نظرية الفلاح
يحكى أنّ رجلاً بسيطاً كان يعيش في قرية يعتمد أهلها في قوتهم على الزراعة، ويوماً بعد يوم بدأت موارد هذه القرية تقل، وبدأت أحوالها الإقتصادية تميل إلى الضعف، وبحث الأهالي عن السبب وجدوا أنّ حولهم الكثير من القرى التي تعمل بالزراعة، وهي تملك أجواءً أفضل من أجوائهم في القرية، وأراضي خصبة أكثر وأوسع من أراضيهم، مما يجعل من منتجاتهم منتجات ذات جودة أعلى من منتجات أهل القرية وأسعارها أقل. فاختار أهل القرية في الحل وفي كيفية معالجة أراضي قريتهم ومناخها، وهل هذا بالإمكان؟ كم سيكلفهم هذا حتى يستطيعوا مجاراة من حولهم؟
صديقنا البسيط فكّر في الموضوع بطريقة أخرى، وكان لديه الحل الذي طرحه على أهل القرية، فقال لهم: "لماذا نسعى لجعل أرضنا تجاري أراضيهم خصوبة ونحن ببساطة نستطيع أن نملك اراضيهم دون أي عناء؟". في البداية ظنَّ أهل القرية أنّ علامات الجنون قد بدت على صديقنا، ولكنه طلب منهم أن يكمل حديثه، فأضاف: "لِمَ لا نقوم بإستغلال أراضيهم بدلاً من التعب على أرضَنا التي لن يتغير حالها؟ سنقوم بشراء منتجاتهم كلها وبيعها للقرى الأخرى، وشراء منتجات تلك القرى وبيعها لمن لا يملكها أيضاً، عندها ستكون أراضيهم تزرع لنا بدلاً من أن نزرع بأنفسنا وتكون الفائدة أكثر بكثير". وبالفعل أعجب أهل القرية بنظريته البسيطة، وقاموا بشراء المنتجات الزراعية بالمنطقة، وأصبحوا هم مَن يسيطرون على الأسواق، علماً بأنّهم لا يزرعون مطلقاً.
العبرة:
"لست مضطراً للمنافسة دوماً لكي تنجح، فبقليل من التفكير الإقتصادي تستطيع أن تكون خارج إطار المنافسة، وأن تسيطر على الأسواق في الوقت ذاته، فالأموال المطلوبة لتأسيس مصنع أو استصلاح أرض يمكن استغلالها بالتجارة في نفس المنتج الذي قد لا تستطيع أن تجاري جودته، وللعلم فإنّ كثيراً من الماركات العالمية للملابس أصحابها لا يملكون حتى مصانع لهذه الملابس، بل يقومون بتصنيعها في بلدان يجيد أهلها الحياكة، وتكاليفهم قليلة مقارنة ببلدانهم".